Thursday, October 23, 2008

خروج من الجسد - قصة


نظر (احمد) فى ساعته للمرة العاشرة منذ قدومه فى عيادة الدكتور محمد طاهر العليمى، احد اشهر اطباء الجلدية و التناسلية فى القاهرة ، وشعر بحنق رهيب وهو يرى انه منتظر منذ اكثر من ساعة وما زال امامه 5 افراد قبل ان ياتى دوره ، كان يشعر بملل حقيقى . اخذ يراقب من حوله على امل ان يلهى نفسه باى شىء، كان يعلم انه زائر العيادة الدائم ...المرضى والوجوه تتغير وهو الشىء الثابت الوحيد بينهم .
شعور مؤلم حقا ان يياس المرء من علاجه ...كان يعانى من بشرة حساسة للغاية ...مغطاه تماما بالحبوب و البثور ...اى تعرض كثير للشمس او حلاقة غير حريصة ولا متأنية كفيلة بتحويل وجهه الى كتلة من الدماء و الالتهابات ، منذ بداية فترة المراهقة وهو زائر دائم لعيادات الامراض الجلدية ..الى ان سمع منذ حوالى 5 اشهر عن ذلك الدكتور ...واستخدامه لاحدث التقنيات فى العلاج امثال الليزر و الرنين و غيرها من الطرق

وصارحه طبيبه منذ البداية ان حالته تحتاج الى وقت طويل فى العلاج و لكن امكانية العلاج موجودة، كان احمد متحمسا فى البداية ..ولكن مع مرور الوقت وبطء التحسن و عدم حدوث تغييرات جذرية او واضحة جعله اليأس يتسرب اليه على الرغم من ملاحظات الدكتور الدائمة له ان حالته فى تحسن مستمر و ان درجة استجابته للعلاج جيدة للغاية بالمقارنة مع حالة البشرة

طوال خمس شهور يسمع كلام هذا الطبيب حتى كاد ان يحفظه
-اصبر شوية
-الموضوع مش سحر
-البشرة دى كذا طبقة وانت عندك البكتيريا مترسبة فى طبقات مختلفة وفى صبغات كتير ........الخ
الى اخر هذه الخطب الطبية التى يبغضها ..والتى يستطيع ان يجمع محصلتها فى جملةو واحدة "ان الوقت لسه طويييييل"

كان (احمد) منطوى بطبعه بالاضافة الى مشكلة بشرته هذه جعلته دائما منطو يخجل من مواجهة الناس ...محاولات عدة قام بها ليكون مجموعة اصدقاء مقربين خلال سنوات الجامعة ولكن كلها باءت بالفشل و الانسحاب الفورى من جانبه مع اول نظرة تأملية فى وجهه ..يعرفها هو تلك النظرة التى ينظر اليه بها من لا يعرفه و ينظر الى وجهه و يتامل تلك البثور و الالوان الداكنة و الحمراء التى تكسو وجهه.
ربما كانت القراءة هى الملاذ الوحيد له فى هذه الحياة..ايضا متابعة مبارايات كرة القدم كانت من ضمن هواياته والنوم لساعات طويلة...يجد فى النوم وسيلة ذهبية للهروب من حياته.
ظل متململا فى جلسته ..ووقع بصره على مجموعه من المجلات فوق المنضدة التى تنتصف غرفة الاستقبال ،كانت العيون كلها متوجهه اليه و تراقبه وهو يتجه للمنضدة مما اشعره بخجل وارتباك ولم يتمكن من المفاضلة بين المجلات ...فقام باخد مجلتين فى عجلة دون ان ينظر اليهم و عاد الى مقعده مسرعا،وخاب امله عندما نظر فى المجلات التى احضرها . الاولى كانت مجلة نسائية ، مكتزة باعلانات مستحضرات التجميل ...ومقالات عن عدد حالات الطلاق المرتفع فى الوطن العربى ...واحدث الازياء..اغلقها على الفور
وامسك المجلة الثانية التى كانت ارحم بالنسبة اليه من الاولى ..كانت مجلة طبية
وعبثا اخذ يتصفحها فى ضجر ...كانت مقسمة الى تخصصات طبية عدة...اخبار و عناوين كثيرة عن اكتشاف العلماء لدواء جديد...
اجراء عملية بنجاح
ووسط مقالات و عناوين عدة استوقفه مقال صغير على هامش الصفحة ..لم يكن المقال ذاته هو ما استوقفه ..ولكن صورة كاتب المقال هو الذى استوقفه ..كانت لرجل مكتز الوجه ...ذو لحية كثيفة و محملقا فى الصورة بنحو مبالغ فيه...كان مظهره كوميديا بعض الشىء وكان عنوان المقالة :
"تجربة الخروج ما بين حقيقة و خيال"
جذب العنوان انتباهه قليلا.. وسال نفسه ما المقصود بالخروج؟؟
قرر ان يقرا المقالة...وفور ما ان بدا المقالة لم يشعر بنفسه الا وهو فى نهايتها ..وفور ما ان انتهى منها ..لم يصدق نفسه... وكأن تلك المقالة هى شرح تفصيلى لما يحدث له دائما ...ولكن لم يكن يعره الاهتمام الكافى ..اخذ يقرا المقالة عدة مرات ..وفور ما ان ينتهى منها يشعر بالحنق لانها كانت قصيرة جدا ..ولا تشفى حجم الفضول لديه لمعرفة المزويد و المزيد كانت المقالة:
تتمثل ظاهرة الخروج عن الجسد فى عملية شعور الشخص بأنه خارج جسده الفيزيائي و يدرك ذلك بوعيه الكامل . هذا الوعي الذي يرافقه أثناء خروجه ، و يبغى الجسد في حالة غيبوبة أو نوم عميق !. أي أن عند خروجه من جسده ، يبقى محافظاً على قدرته على الإدراك ، و التفكير ، و حرية التصرّف و اتخاذ القرارات حسب الحالة !. كل هذه الميزات ترافق الشخص ( أو روح الشخص ) أثناء خروجه عن جسده !.يشعر الخارجين عن جسدهم بأنهم يستطيعون التنقّل بحرية من مكان إلى آخر ، و يمكنهم الانتقال إلى أماكن بعيدة عن موقع أجسادهم الفيزيائية ، و يدركون مشاهد و أحداث كثيرة ، و يستطيعون حفظ تلك المعلومات في ذاكرتهم و العودة بها إلى جسدهم الفيزيائي !.غالباً ما تحدث هذه الحالة بشكل تلقائي ، دون معرفة مسبقة من الشخص . خاصةً الذين يكونون في حالة مرض خطير أو غيبوبة أو على حافة الموت !.لكن بنفس الوقت ، يتمتع بعض المتصوفين و الروحانيين و الشامانيين بهذه القدرة ، و يمكنهم استنهاضها بأي وقت يشاءون


"استاذ احمد دور حضرتك"
انتزعه صوت الممرضة من حبل افكاره ...ولاول مرة منذ قدوم احمد تلك العيادة يشعر بضيق من قدوم دوره..قام على مهل وهو ينظر نظرة اخيرة فى المجلة و يحاول ان يحفظ اسم كاتب المقالة و اسم المجلة ..كانت الممرضة تراقبه فى شىء من الدهشة ...انتبه احمد لذلك فترك المجلات ووضعها بعناية فائقة على المنضدة ودخل على طبيب...وطوال الجلسة ظل مقتضب الكلام، شارد الذهن، يكتفى فقط بالرد باجابات مقتضبة على الطبيب.. ويتحمل لسعات الليزر على وجهه دون ان شكوى او طلب لبعض الراحة
لدرجة جعلت دكتور محمد يساله فى شىء من الدهشة :
ايه مالك النهاردة يا احمد مش فورمة ..فى حاجة مضيقاك ؟؟؟
اجابه احمد ببعض الارتباك:
مش فورمة ازاى يا دكتور

- يعنى مش قاعد تشتكى من طول العلاج و تقول مفيش فايدة

ابتسم احمد ابتسامة باهتة :
لا ابدا يا دكتور...تقدر تقول نحست خلاص

-لا يا راجل ما تقولش كده ......الخ
لم يعر(احمد) لبقية الكلام اى اهمية

وقاطعه بسؤال سريع:
دكتور هو كل الكلام اللى بيتنشر فى المجلات الطبية بيكون صح؟؟

اندهش الدكتور لذلك السؤال المفاجىء ..ولكنه تدارك الموقف على الفور وقال له :
على حسب المجلة نفسها و سمعتها مش اى مجلة طبية تبقى مجلة موثوق فيها ...كمان مفيش حاجة فى الطب اسمها صح مية فى المية ..كلها بتكون نظريات و اراء بتطور مع الوقت ..يعنى اللى الصح النهاردة ممكن يكون غلط بكرة و العكس صحيح

احمد: طب و المجلات الطبية اللى بره عند حضرتك موثوق فيها
ضحك الدكتور ضحكة قصيرة وقال له:
انت مالك النهاردة يا احمد ؟؟ طبعا اكيد موثوق فيها
يلا يا استاذ جسلتك خلصت النهاردة معادنا ان شاء الله بعد 3 اسابيع

-اوك يا دكتور

**********************
كان (احمد) متعجلا على العودة فى منزل
لم يصدق يوما ان ما يمر به فى اوقات كثيرة له اصل ومعروف ..لم يكن يعلم الاسم العلمى لهذه الحالة ..كان دائما ما يطلق على هذه الحالة عندما تحدث له "الطيران" ...لأن بالفعل كانت تلك هى الحالة التى يمر بها ...حالة من الانسيابية الرهيبة ..والقدرة على التنقل بشكل سلس دون حواجز و قيود..وكأن روحه قد تحررت من قضبان جسده....كان كثيرا ما يقول لنفسه ان هذا مجرد حلم يمر به ..لكن عقله و قلبه دائما ما كانا يرفضان هذا التفسير...لم يكن ما يمر به مجرد حلم...كان ما يمر به حقيقى اكثر من اللازم ...يتحكم فى نفسه اكثر من اللازم ...وفوق كل ذلك...فهو يعلم اثناء طيرانه انه نائم ...عقله يقظ تماما ...احيانا كان يطير فى غرفته ..او فى اماكن لا يعلمها...لعل اقوى تلك المرات تلك التى حلق فيها فى غرفته...كان يشعر بكل شىء الى حد مخيف ...وشعر بطيف من الهواء يلامس وجهه وكانه يلامسه لكى يثبت له ان ما هو فيه الان واقع وليس خيال

هرع الى جهاز الكمبيوتر الخاص به فور وصوله الى منزله ...ودخل على موقع جوجل الشهير...وتسارعت اصابعه تكتب اى كلمة متعلقة بالموضوع

وجد نفسه يكتب
الطيران اثناء النوم ... ابحث

ظهرت له عشرات النتائج و الروايط غير متعلقة بالموضوع امثال:

طيار يابانى يغرق فى النوم اثناء رجلة جوية

الطائرة من الحلم الى حقيقة .

الخ...........


كلها غير متعلقة بالموضوع
حاول ان يتذكر اى لفظ علمى متعلق بالموضوع، تذكر كلمة الخروج التى قررها كاتب المقال كثيرا
وعلى الفور كتب
الخروج من الجسد+اثناء النوم ابحث

و
وتراصت امامه عشرات من الروابط المتعلقة بالموضوع

كانت عيناه تلتهم السطور بدون اى شعور بالوقت
وعرف ان الموضوع كبر بكثير مما كان يتصوره

-للأحلام مستويات متعددة من الوعي. المستوى الأقل هو الأحلام العادية التي يراها كل البشر، ولا نكون واعيين في الحلم.يأتي في المستوى الثاني نوع من الأحلام يكون فيه الرائي واعياً لأنه يحلم، ويستطيع أن يجوب عالم الحلم كما يشاء ويتحكم في مسار الأحداث، ولكن لا يشعر فيها بحواسه كاملة، ويسمى Lucid Dream.

- يتجول الذى يمر لتجربة الخروج بطريقة حقيقة ..وهو عدة أنواع منه خروج من الجسد في العالم الواقعي الذي نعيش فيه ..وخروج من الجسد في العالم النجمي أو ما يسمى بعالم الأحلام أو عالم الأفكار ..حيث لا أثر للمادة الجامده وتكون الأفكار والطاقات سيدة الموقف
-هناك أشخاص عديدين أبلغوا عن مرورهم بهذه التجربة عند تعرضهم لحوادث مميتة اقتربوا فيها من الموت أو ماتوا إكلينيكياً للحظات، وتسمى هذه الخبرات (near death experience)، ولكن الأمر يقتصر على هذه المرة، ولا تتكرر غالباً

قام الدكتور " دين شيلدز " بتحليل أكثر من ألف دراسة حول ظاهرة الخروج عن الجسد من 70 ثقافة مختلفة ( غير غربية ) . و أثبتت نتائج هذه الدراسة عكس ما كان يتوقعه ، فكان يتوقع ظهور تناقضات كثيرة في الروايات المختلفة المتعددة المصادر . أشارت النتيجة إلى وجود تطابق كامل في تفاصيل تلك الروايات المختلفة . و تأكد بعدها الدكتور شيلز بأن هذه الظاهرة هي عالمية و معروفة بين جميع الشعوب ، مما يدل على أنها ظاهرة واقعية .



الكثير من عمالقة الأدب العالمي الذين عاشوا في هذا العصر صرحوا للعلن في مناسبات مختلفة بأنهم خاضوا في تجربة الخروج عن الجسد ! مثل : أرنست همنغواي ، و د.هـ. لورنس ، و ليو تولستوي ، و دويستوفسكي ، و تينيسون أدغر ألان بو ، و فرجينيا ولف ، و غيرهم .. ـ الدكتور " روبرت كروكوال " ، قام هذا الرجل الذي لا يشكّ أحد بمصداقيته ، بدراسة تحليلية دقيقة لأكثر من 700 تقرير حول ظاهرة الخروج عن الجسد . و الذي أدهشه هو تطابق جميع محتويات هذه التقارير القادمة من جميع أنحاء العالم


خطوات التى تجعلك مهيأ للخروج :

قم باختيار غرفة هادئة جدا حيث لا يمكن لأي شيء أن يزعجك. إذا كان هناك بعض الضوضاء قم بتشغيل جهاز الراديو أو التلفزيون وأضبطه على موجة مشوشة بحيث تسمع وشوشة فقط واضبط مستوى الصوت بحيث لا يكون مرتفعا وإنما يكفي لتغطية صوت الضجيج الآتي من خارج الغرفة. لا تقم أبدا بتشغيل الموسيقى. تأكد أيضا من ملائمة درجة الحرارة لك مع ملاحظة أنك ستفقد بعض الحرارة أثناء القيام بالتجربة. تأكد أن يكون ضوء الغرفة ناعما وخافتا وليس مظلماً.تحتاج إلى كرسي مريح ذو دعامات للذراعين ومسند مريح للرقبة مع وجود بعض الميلان للخلف. في وضع الجلوس يكون احتمال نجاح التجربة أعلى من وضع الاستلقاء. لا تنسى أيضا وضع وسادة تحت قدميك. جرب هذا الكرسي وعدل في أوضاعه حتى تحس أنك مرتاح عليه. من المهم أيضا ارتداء ملابس فضفاضة ونزع الساعة، الخواتم وأي شيء قد يسبب مضايقات. (وضعية الكرسي تشبه إلى حد كبير وضعية كرسي الحلاق)يجب أن تكون متعبا بعض الشيء وليس متعباً جدا. لأن التعب البسيط يساعد في الاسترخاء أسهل وأسرع. ولكي تحصل على هذا الشعور قم بأداء بعض التمرينات المجهدة ثم قم بالاستحمام بالماء الدافئ المائل للحرارة ثم قم بالجلوس على الكرسي والاسترخاء. في هذه الحالة سوف يكون الجسد متعبا أما العقل فإنه سيكون يقظا وواعيا. إذا شعرت أن هناك بعض الريق الذي تجمع في فمك فابلعه حتى أثناء خروجك من الجسد.







قام من جلسته ..وهو متشوق لشىء واحد...هو خوض تجربة الخروج...هذه المرة ستكون مختلفة عن كل مرة ... لانه اصبح اكثر وعيا ومعرفة بها

قام على الفور ليفعل الخطوات اللازمة للتجربة اظلم الحجرة تماما ..وفتح لمبة خافتة للغاية تصدر ضوء ضعيف...واسترخى على السرير فاردا ذراعية على مصرعهما و واضعا بعد الوسادات تحت قدميه ...اخذ يتنفس بعمق وبطىء ...ويحاول ان يبعد عن اى فكرة ممكن ان تشتت تركيزه و بالفعل بدأ يشعر بوخز خفيف فى اطرافه و ... و فجاء انفتح باب الغرفة فى سرعة اقرب الى عنف ...وكان لوقع صوت فتح الباب فى اذنيه اشبه بدوى قنبلة
"احمد"
انتفض جسده ..وهو يقول :
فى ايه
لم تكن سوى اخته الصغرى (نهال) ...كانت تصغره بخمس اعوام ...كانت لا تزال فى المرحلة الثانوية

وفى خوف مصطنع مغلف بسخرية قالت:
ايه ده انت كنت بتحضر ارواح

زفر (احمد) فى ضجر وقال لها :
عايزة ايه يا نهال

قالت له نهال فى لامبالاة:
ماما بتقولك فى حاجة عندك عايزة تتغسل

قال (احمد) فى ضيق:
لا معنديش ..ومن فضلك فى اختراع اسمه تخبيط الناس بتستخدمه لما يدخله على حد
نهال:
على فكرة انا خبطت وانت ما ردتش
(احمد) فى ضجر:
طب يا ستى حقك عليا انا غلطان خدى الباب فى ايدك ..وسبينى انام

حاول (احمد) ان يسترخى مرة اخرى ولكن محال ان ياتى اليه النوم او اى صفاء ذهنى
غمغم احمد وهو يقوم من الفراش ليضىء الحجرة :
الله يسامحك يا نهال

ظل احمد بعد هذا اليوم لاسابيع عدة يحاول ان يخوض التجربة ...ولكن مع مرور الوقت بدا يتدارك ان الموضوع ليس بهذه السهولة ...وان الخروج ياتى اليه وقتما يشاء و ليس العكس
و مع مرور الوقت بدأ ينسى الموضوع تدريجيا

***********************

من مكان عال....وفى انسيابيه ..دون شعور بحواجز ...وتقيد بقوانين الجاذبية ....محلقا فى مكان لا يستطيع ان يحدد ان يعرفه ام لا،و
بعض الاشياء اللا منطقية ...ولكن بادراك كامل لكل شىء...هكذا شعر احمد.....وبنشوة حقيقة اخذ يردد يا الهى انه الخروج
ظل يعطى لنفسه تعليمات بالا يركز فى الاشياء حتى لا يستيقظ....كانت درجة شعوره بكل شىء متوسطة ...يخشى الاقتراب من الارض...يخشى النظر اسفل
كان ما يضايقه ان ظلام الليل هو ما حوله....و تحته على بعد مسافات تأتى اضواء باهتة ....بدا يتقلب و يجىء يمينا و يسارا....يا الهى كم يحسد الطيور على تلك الحرية
وكفيلم سينيمائى يتيغر المشهد دون سابق انذار امامه، وجد نفسه فى شارع مضاء اضاء خافتة خالى تقريبامن المارة ..لم يكن ماشيا على قدميه ولا طائرا...حالة من اللاشعور بكيفية الانتقال كانت تنتابة
ومن بعيد ...راى فتاة وفتى ..كم تبدو الفتاة مالوفة بالنسبة له لم تكن الاضاءة كافية لكى يرى الاشياء بوضوع من بعيد ...ولكن كل ما جذب انتباهه ..هو تلك السترة الزهرية التى كانت ترتديها تلك الفتاة كم تبدو السترة مالوفة ..حاول الاقتراب ليرى اكثر ..بدات ملامح البنت تظهر له ...و شعر بدهشة فور ما ان رااها ..كانت هى نهال ...حاول ان يقترب اكثر..ولكن بدا يشعر ان ادراكه بدا فى التلاشى تدريجيا من اثر التركيز حاول ان يبتعد ..كان بداخله غضب من رؤية هذا الشاب مع اخته فى هذا الشارع الخالى تقريبا من المارة فى هذا الوقت ....ومع ادراكه انه على وشك الاستيقاظ لا محالة ...اقترب مرة اخرى عله يختلس نظرة سريعة اخرى على وجه اخته ليتاكد و
فتح عينيه مرة واحدة ....كانت الغرفة مظلمة ...انتابه شعور فى البداية انه لايعلم ما الوقت....امتدت يده فى حركة تلقائية تلتقط هاتفه المحمول الملقى بجانبه على فراشه لينظر فى ساعته
Sun 02-11-2007 09:30 pm

كان لا يزال الحلم او الخروج مسيطر عليه....انها المرة الاولى التى يرى فيها اشخاص اثناء الخروج...كان سعيدا و غاضبا فى نفس الوقت، سعيدا انه خاض تجربة الخروج بعد فترة طويلة من الانقطاع و غاضبا من رؤية هذا الشاب . لم يكن يعرف هل ما مر به حقيقة ام حلم ، لاول مرة تمنى ان يكون هذا حلم . شعر بانه كاد ان يجن من التساؤل

ذهب الى حجرة المعيشة ووجد والدته جالسة امام التلفاز تتابع فى تركيز فيلما
قالت له فور ما ان راته:
صحى النوم...أيه النوم ده كله
اكتفى احمد بهز كتفيه ..وجلس وهو لا يزال يحاول استيعاد تركيزة وهو عابث الوجه و لاحظ غياب اخته نهال ...فقال له فى صوت متحشرج لم يصفو بعد من النوم :
اومال فين نهال مش ظاهرة ليه

الام:
ما انت عارف النهاردة الاحد ..معاد درس الفلسفة
انتبه (احمد) فى جلسته وقال لها وهو يعتدل:
درس لحد دلوقتى
قالت له والدته:
ايه يا بنى مالك ما هى بتاخد من اول السنة الدرس فى المعاد ده ...وعمرك ما قلت حاجة
احمد:
يعنى بالذمة يعنى يصح واحدة ترجع بيتها فى الشتا الساعة 10

الام:
يا بنى فى ايه...بيت المدرسة مش بعيد هما 5 دقاق ...وهى زمانها دلوقتى على وصول
احمد:
ماشى لما تيجى ليا كلام معاها

لم تمض اكثر 10 دقائق الا وسمعوا صوت المفاتيح فى الباب ...قام احمد من مجلسه على الفور ...قامت والدته ورائه وهى متعحبة من سلوكة العجيب
فور ما ان راى احمد نهال...شعر بالغضب يسرى فى عروقه.....شعر بصدمة حاول ان يخفيها ، كانت ترتدى نفس السترة التى راها بها فى اثناء الخروج
وبنبرة حادة قال لها:
كنتى فين؟
ارتمست الدهشة على وجه نهال وهى تقول له متحفزة:
فى ايه يا احمد كنت فى الدرس ..مالك؟

قال لها احمد مسرعا:
لا ماكنتيش فى الدرس

بدا الغضب الممزوج يرتسم على وجه نهال وهى تقول له:
انت اتجننت ولا ايه ؟؟؟
احمد:
حلو اوى اللهجة اللى بتكلمينى بيها دى
نهال فى عصبية :
وانت كمان حلو الاتهامات اللى بتقولهالى دى ..انت مالك فى ايه ...انت جاى ترمى بلاك عليا ...ما تشوفيه يا ماما بيقولى ايه


الام:
فى ايه يا احمد بس فى ايه.....صاحى من النوم عفاريتك بتتنطط ليه؟؟ ليه بتقول انها ماكنتش فى الدرس
احمد فى عصبية :
من غير ليه ....هى ماكنتش فى الدرس و خلاص....ورجوع بليل ده مش هيتكرر تانى الا لما انا اوصلها بنفسى وارجعها ...ولو ماردتش ....يبقبى مش هتشوف شكل باب البيت ..ان شاء الله تسقط السنادى، وهاتيلى نمرة المدرسة اللى كنتى بتاخدى عندها
الام :
لا ده انت اتجننت فعلا يا احمد .....مالك يا بنى ربنا يهديك

نهال وبدات دموعها تتساقط:
سيبيه يا ماما هو اصله عايز يعمل فيها راجل عليا ....وعشان اثبتلكوا انى كنت فى الدرس...عندكو نمرة ميس نادية اسالوها

الام مقاطعة فى حدة :.
انتى بتقولى ايه يا نهال......سيبك من تخاريف اخوكى ....انا مش ممكن اسوء سمعتك قدام مدرستك ..واسالها بنتى كانت عندك ولا لا ؟؟ انا واثقة فيكى

احمد :
يعنى ايه يا ماما بقولك بنتك ماكنتش فى الدرس و كانت سارحة فى الشوارع وانتى تقوليلى انا واثقة فى بنتى...هو انا يعنى هتبلى عليها

الام مقاطعة فى صرامة:
يا تقولى عرفت منين الكلام ده ...وانت على يدى نايم من قبل ما هى تنزل و ما صحتش غير من نص ساعة .....يا اما هعتبر كل اللى قولته ده تخاريف فى تخريف.....ماتفتكرش ان عشان ابوك مش موجود ...انك هتكون صاحب الكلمة فى البيت ده...الكلمة الاولى و الاخيرة ليا انا

شعر احمد فى حنق ..بالطبع كان اى حديث عن الخروج او طيران وما الى ذلك ..اشبه باستخراج شهادة خلل عقلى امام نهال و امه
اكتفى بغمغمة وهو يدخل الى غرفته و يغلق الباب بقوة

ظل طوال الليل يفكر فى كل شىء ...يتذكر ما شاهده اثناء الخروج ...واحساسه بكل شىء مر به....كان فى بعض الاحيان يقول لنفسه ربما يكون مجرد حلم ...ولكن كانت موضوع السترة بمثابة تاكيد له بان ما مر به كان حقيقيا ..ظل يفكر و يفكر طوال الليل ...ألا اذن الفجر ....قام وصلى وبعد الانتهاء ظل جالسا فى مكانه يفكر فى كل شىء ..شعر بنعاس قام وفور ما ان وضع راسه على الوسادة استقر فى نوم عميق....استيقظ فى صباح اليوم التالى باكرا ..ظل طوال اليوم ماكثا فى غرفته ..الا للخروج للحاجات الضرورية ...متجنبا نظرات امه و اخته التى كانت ترمقه بغضب كلما راته
ظل طوال اليوم اما يقرا او جالسا على الكمبيوتر...وعندما جاء الليل ارتدى ملابسه متجها الى الدكتور محمد فاليوم كان معاد جلسته

دخل العيادة ...كانت خالية الى حدما مقارنة مع الايام الاخرى...طوال جلسته منتظرا ظل يتحاشى النظر الى جهة المجلات ..ثم ما لبث الا وان قام و اخد المجلة الطبية التى كان قد قراها من قبل ...فتح على الصفحة التى قرا فيها المقالة...خيل اليه للحظة انه لن يجدها وان كل ما مر به مجرد اوهام ..ولكنها وجدها و بنفس صورة الكاتب الكوميدية ..ولكنه لم تكن كوميدية له هذه المرة ...أنتظر قليلا ثم جاء دوره
رحب به الدكتور محمد كعادته مبتسما مجاملا ....وبعد انتهاء جلسة الليزر المؤلمة ....قال له الدكتور:
معادنا يا ابو حميد بعد شهر ان شاء الله

احمد:
دكتور معلش ممكن اخد من وقت حضرتك 5 دقائق ..انا اسف انا عارف ان حضرتك مش فاضى ...بس فعلا معنديش غير حضرتك ممكن اتكلم معاه و اخد برايه و نصيحته
الدكتور :
طبعا يا احمد اسال زى ما انت ...بس ما طولش ههههههه
ابتسم احمد ابتسامة باهتة ثم قال مسرعا بص يا دكتور تعرف حاجة اسمها تجربة الخروج من الجسد

ظل الدكتور صامتا للحظة ثم قال له:
اكيد قريت عنها...بس انت مالك بالموضوع ده

قص له احمد كل شىء ...وحكى له عن ما مر به امس ......وانه شاهد الشخص بنفس الملابس التى راها به فى الحلم.. ولكن دون ذكر ان الشخص الذى راه اثناء الخروج كان نهال اخته

لم يقاطعه الدكتور محمد طوال حديثه
وانهى احمد كلامه بسؤال:
انا مش عارف يا دكتور اللى انا فيه بجد ولا ايه بالظبط...ساعات بحس انى اتجننت و ساعات بحس انى صح

اعتدل الدكتور فى جلسته وقال له :
اكتر حاجة مضيقانى يا احمد فى الموضوع ده...ان انا عارف دماغك و تعليمك...ومستغرب ازاى حاجة زى كده تشغل تفكيرك بالشكل ده...اومال سيبت ايه للناس البسطاء و الجهلة
صدم احمد من هذا الرد
تابع الدكتور قائلا:
انا زى اخوك الكبير يا احمد وممكن اكون كمان اد والدك...عشان كده ممكن تلاقينى مش بتكلم معاك بدبلوماسية
بس بجد الواحد بيزعل لما يلاقى الامة فى الوضع اللى احنا فيه ده...ولسه مشغولين بحاجات مالناش دخل فيها...ومعرفتها لا هتقدم ولا هتاخر .... انا لحد دلوقتى مش مصدق ان فى ناس بتتصل ببرامج عشان تفسر احلامها ...الناس بره تفكيرهم وحلمهم امكانية الحياة على القمر و المريخ و احنا هنا لسه فى النوم و الاحلام واللحاف

قاطعه احمد فى حرج قائلا:
دكتور حضرتك افهم قصدى...انا عمرى ما قبل كده كنت شاغل بالى بالحاجات دى....وصدقنى انا قريت المقالة دى بالصدفة و اكتر حاجة شادتنى للموضوع ان انا كنت حاسس و عارف ومريت بكل حاجة اتكتبت فى المقالة دى ... وده اللى خلانى اركز فيها

هز الدكتور راسه موفقا وهو يقول:
يا احمد انا مش بتهمك ..ولا بقلل منك....انا كل اللى انا عايزة اقوله انى زعلان ان الموضوع ده شغل تفكيرك اكتر من ما يستحق

احمد:
بس هى بردو حاجة تجننن يا دكتور...مش معقولة الناس تجتمع على التفاصيل دى كلها ...انا كنت بقرا كلام كانى انا اللى كتبه مش حد تانى اللى كتبه
الدكتور :
بص يا احمد ....كل حاجة ليها تفسير علمى ...اه صحيح فى حاجات كتير ..مش بتكون واضحلنا فى بعض الاوقات بس ده مش معناه اننا ننفى اى سبب منطقى ليها ....يعنى زمان ماكنوش يعرفوا ان فى حاجة اسمها كهرباء ..هل معنى كده ان الكهرباء ماكنتش موجودة؟؟؟

احمد :
طب يا دكتور حضرتلك تقدر تقولى تفسير علمى للى حصلى
الدكتور:
طبعا عندى 100 تفسير و تفسير ..بس اهم حاجة انت تقتنع
احمد:
قول يا دكتور و انا هقتنع
الدكتور:
طبعا يا احمد اللى انت فيه ده كان حلم ....بس حلم قوى ...النوم عموما درجات ...كمان لازم تحط فى اعتبارك ان لسه فى اجزاء فى المخ لسه العلم ماكتشفش هى وظايفها ايه
طب بلاش كل ده
انا هديك مثال علمى معترف بيه فى كل العالم
تسمع عن حاجة اسمها شلل النوم؟؟؟
احمد :
لا
الدكتور :
لا اكيد انت تعرفه ومريت بيه زى ما كلنا مرينا بيه ...بس انت ماتعرفش ان اسمه كده... زى كده مثال الكهرباء اللى قولتهولك من شوية ...انت مش كتير تكون نايم و مرة واحدة تصحى ..وتحاول تفتح عنيك وماتعرفش تفتحها...بالرغم من انت مخك صاحى و دارى

احمد :
اه مريت بكده كتير

الدكتور :
اهو ده بالظبط اللى اسمه شلل النوم
REM sleeping....
المخ بيصحى و الجسم كله نايم ...المخ بيدى اوامر للجسم انه يصحى والحسم بيكون فى حاله زى الشلل ومش عارف يستجيب للاوامر دى...فالمخ طبعا من خلال ملايين الذكريات المتخزنة جواه بيعملك عالم حواليك..يعنى يخليك تتخيل انك خلاص صحيت و شفت الاوضة بتاعتك من حواليك كل ده مجرد حلم او تخيل..بس بيكون قوى اوى و بيفرق عن الحلم العادى

قال له احمد :
طب يا دكتور و حكاية انى شفت الشخص بنفس الهدوم اللى شوفتها بيه وانا نايم..

قال له الدكتور :
من خلال كلامك ..واضح ان الشخص ده انت تعرفه ....يعنى اكيد شوفته باللبس ده...ومخك طبعا حفظ شكله....ممكن يكون الموضوع صدفة ...ممكن تكون رؤية ...الرؤية شىء وارد جدا وحاجة معروفة فى اسلامنا

شعر احمد باحباط وكانه كان يريد سماع عكس هذا التفسير
ابتسم الطبيب وقال فى عطف:
انا عارف انك مش مقتنع ...او مقتنع بس مش عاجبك التفسير العلمى ده...اقولك على سر ...انا كمان مش عاجبنى.
فى رايى ان الانسان دايما بيحب يحس ان فى حاجة اقوى منه ....و ان فى حاجات لسه مش عارفها ...شعور المجهول ده بيثير فضولنا و بيكسر حده الحياة المملة اللى احنا عايشنها
طب اقولك على حاجة اخيرة
...
احمد:
اتفضل يا دكتور

الدكتور:
مش كتير بتحصل حاجة او بتشوف حاجة قدامك ...وبتحس ان انت مريت بالحاجة دى قبل كده وعشتها قبل كده


احمد:
اه كتير جدا ...وكذا حد قالى انه بيحصله نفس الموضوع
قال له الدكتور:
وبتحصلى و بتحصل للناس كلها...دى نظرية معروفة اوى و اسمها
(( ديجا فو)) بالفرنساوى...يعنى شوهد من قبل ....عارف بقى لو عرفت التفسير بتاع الموضوع ده ...هتضحك اوى من البساطة بتاعته و هتحس اننا غلابة اوى

احمد فى فضول حقيقى :
ايه تفسيرها يا دكتور ؟؟
قال له الدكتور:
مخك ده عبارة عن فصين ..فص ييمين و فص شمال....لو حصل فى بعض الاوقات ...والدم وصل الفص اليمين قبل الفص الشمال بجزء من الثانية...بيتكرر عندك المشهد و بتحس انك عيشته قبل ..وانت بتكون لسه عايشه من جزء ثانية

كان احمد مبهوتا من بساطة التفسير
ضحك الدكتور وقال:
شوف بقى كم الافلام و القصص اللى اتالفت على الموضوع...ويجلبك البطل انه خارق والناس تروح ما تنمش بليل

شعر احمد بتفاهة الاشياء التى كانت تشغل تفكيره ....
وقام من مجلسه وقال وهو يصافح الدكتور معتذرا:
بجد مش عارف اقولك ايه يا دكتور....أسف انى عطلتك بجد بس لو كنت قعدت مع 100 واحد و حكتلهم عمر ما فى حد كان هيفدنى زى ما حضرتك فدتنى
ابتسم الطبيب وهو يصافحه ويقول له مداعبا :
يا سيدى ولا يهمك...بس انت بس خلى بالك وانت خارج لحد من الزباين اللى مستيين بره يعمل فيك حاجة و انت خارج
ابتسن احمد
وغادر العيادة وهو يشعر بخيبة امل وانه اعطى الامور اكثر من حجمها وتسلل اليه شعور بالكأبة لان الشىء الوحيد الذى كان يعطى تشويق واثارة لحياته ....شىء عاديا جدا ...لا يتعدى كونه مجرد حلم....شعر بان الخروج و التحرر الذى عاش عمره كله يبغاهم...وان الوقت الوحيد للخروج هو لملاقاة المولى عز و جل جلاله

****************
بعد مرور اسبوع
****************

ميس نادية:
ها يا بنات فى حد تانى ناقص ولا نبدا ؟؟؟
نهال:
لا يا ميس احنا كده كلنا موحودين
ميس نادية :
صحيح يا نهال ليه ما جتيش الاحد اللى فات. الحصة كانت مهمة جدا ..سالت عليكى منى على فكرة
نهال:
معلش يا ميس كنت عيانة شوية
ميس نادية:
الف سلامة عليكى ....يلا بنات هنبدا النهاردة ان شاء الله بالقياس الارسطى



تم بحمد الله تعالى
3-10-2008